علي بن مسعود المعشني
كان الاتحاد السوفييتي أول دولة تعترف بالكيان الصهيوني وتمنحه الحق القانوني بفلسطين (1) عام 1948.
ليلة الرابع من يونيو 1967، كان السفير السوفييتي يطمئن القيادة المصرية بأنَّ الكيان الصهيوني- بحسب معلومتهم- لن يقوم بأي عملية عسكرية ضد مصر، وفي صبيحة الخامس من يونيو قام العدو بشن الهجوم المعروف على مصر وبالتحديد مطاراتها ومنشآتها العسكرية الحيوية.
يقول الضابط الحر حسين الشافعي عضو مجلس قيادة الثورة ونائب الرئيس جمال عبد الناصر في شهادته على العصر: "كنَّا حين نُشرك الخبراء العسكريين الروس في أي عملية ضد كيان العدو في حرب الاستنزاف، نتفاجأ بمعرفة العدو بالهجوم واستعداده له، بينما عملياتنا التي لا نُشرك بها الروس كانت تنجح وتُحقق أهدافها، مما يدل على أنَّ الروس كانوا يسربون لهم ذلك".
عام 1981م، قام العدو الصهيوني بالعدوان على العراق وتدمير برنامجه النووي المتمثل في "مفاعل تموز" (2)، والغريب أن جميع الخبراء الروس العاملين في المفاعل تغيبوا صبيحة يوم القصف عن العمل، مما يدل على معرفة الروس بالعملية.
يقول الرئيس المصري الراحل أنور السادات: "زرتُ الاتحاد السوفييتي أربع مرات خلال عامي 1971م و1972م، وكنت أسمع من القيادة الروسية في كل زيارة عبارة "إسرائيل خط أحمر".
وحين قرر الأمريكان شن الحرب على العراق عام 1991م بسبب غزوِهِ الكويت، لوَّح السوفييت باستخدام حق النقض "الفيتو" بمجلس الأمن، بحُجة مطالبتهم العراق بأربعة مليارات دولار، وحين تم منحهم المبلغ المطلوب امتنعوا عن التصويت.
يقول أحد الخبراء العسكريين الروس ممن عملوا كموفدين لبلاده في بلاد عربية صديقة للروس في العهد السوفييتي: كُنَّا نمنح سوريا طائرات قتالية تصل في مداها إلى تل أبيب، ولكنها تسقط في طريق عودتها لأنَّ كمية وقودها لا تسمح لها بالعودة.
في عهد روسيا البوتينية اعتقدنا بأن العقيدة السياسية والعسكرية الروسية تغيرت عن العقيدة السوفييتية بحكم موقفها من القضية السورية واستخدامها للفيتو في أكثر من موقف، كما أعتقدنا أن سوريا في العقيدة الروسية البوتينية تعادل في أهميتها الاستراتيجية ما تسمى بـ"إسرائيل" بالنسبة لأمريكا، وحين أُسقطت الدولة السورية مُؤخرًا وتم تسليمها للدواعش بتوافق دولي، تبيَّن لنا حجم الانغماس الروسي في المُؤامرة؛ بل وتبيَّن أن دورهم في سوريا كان دور المُراقب والمُسيطر على حراك النظام السوري والمنظم لإيقاع حركته بانتظار ساعة الصفر من الغرب فقط لا غير، بدليل تفرُّج روسيا على مُعاناة السوريين من حصار قانون قيصر الأمريكي، وخاصة في قطاعي النفط والقمح، فيما يمتلك الحليف الروسي فوائض منها، كما إن الطرف الروسي قَبِلَ بدور المُتفرِّج في تسليم إدلب للإرهاب تحت مُبرر تخفيض التصعيد بالتوافق مع الطرف التركي، ولم يتحمس لاسترداد حقول النفط السورية والتي بقيت تحت سيطرة الأمريكان وعصابات التهريب.
مما لا شك فيه أن الروس ليسوا حالة شاذة في توصيف وتصنيف الحلفاء غير المتكافئين في الحجم والقوة؛ فالروس لهم مصالح إقليمية ودولية كغيرهم من القوى الكبرى، ومن المعيب أن نُفكِّر بأن أيٍ من هؤلاء الحلفاء سيكون عربيًا أكثر من العرب، أو سينوب عنهم في التضحيات والخسائر.
قبل اللقاء: الحليف الحقيقي هو قوتك الذاتية.
وبالشكر تدوم النعم.
*********
1- في 17 مايو 1948م، بعد ثلاثة أيام من إعلان إسرائيل استقلالها، منح الاتحاد السوفييتي رسميًا اعترافًا قانونيًا بإسرائيل؛ لتصبح الدولة الثانية فقط التي تعترف بالدولة الصهيونية (يسبقها فقط اعتراف الولايات المتحدة الفعلي) وأول دولة تمنح إسرائيل الاعتراف القانوني. (ويكيبيديا)
2- في 7 يونيو 1981م، قصفت طائرة مقاتلة تابعة للقوات الجوية الإسرائيلية من طراز "إف-16" الصقر المقاتل، برفقة طائرة من طراز "إف- 15 إيغل"، مفاعل أوزيراك وألحقتا به أضرارا جسيمة. وصفت إسرائيل هذه العملية بأنها دفاع عن النفس، وقالت إن المفاعل امتلك «أقل من شهر» قبل أن يصبح خطرًا. وقُتل 10 جنود عراقيين ومدني فرنسي واحد. (ويكيبيديا).